النقد الاجتماعي في أعمال عبد الرحمن شكري الشعرية والنثرية - (دراسة نصية)

الملخص

الشاعر عبد الرحمن شكري، شاعر لم ينل حظه من الشهرة، والمعرفة -رغم تميزه وكفاءته العلمية والعملية- فقد تنكر له أبناء جيله، وجحدوا فضله وتفوقه، وقد أحس هو بهذا الضيم، وغشي شعره ونثره مسحة ألم وحزن مخنوق، فزفر ذات حين زفرة ضيق في قصيدة له بعنوان "الشاعر البابلي المجهول"، يقول:

يا غريب الدار عن وطني           ناظرا في غابر الزمن([1])

وأتبعها بأخرى ممزوجة بطعم ظلم الدهر لوطنه، يقول:

واستباح الناس من أدبي           ما استباح الدهر من وطني([2])

وختم قصيدته بقوله:

يا غريب الـــدار عـــــن وطني        باحثا فـــي دارس المــــدن

 هل سمعت اسمي وما نقل الــر        كب عن شعري وعن فطني([3])

 لهذا، لم يكن من السهل العثورعلى دراسات أو بحوث علمية مكتوبة حوله، كما هو حظ كثير غيره ممن هم أدنى منه منزلة من الشعراء الآخرين، علما أنه من أوائل الحاصلين على شهادة جامعية من بلاد الغرب و في زمن مبكر من القرن العشرين، فقد أرسل في بعثة دراسية، بعد تخرجه بتفوق في مدرسة المعلمين العليا في القاهرة عام إلى جامعة "شفيلد" في إنجلترا وعاد إلى بلده مصر عام 1912، يحمل شهادة التاريخ في هذا الزمن المبكر، ليعين في مدارس وزارة المعارف المصرية معلما للتاريخ واللغة الإنجليزية، وليرتقي إلى مدير مدرسة ثانوية، ثم إلى مفتش، ويقف عند هذا الحد، لأنه لم يكن يجامل ولا يهادن ولا يساوم ولا يتزلف لأحد، وهذا مصير كل من كان بهذه الأوصاف قديما وحديثا.

وهذا البحث يرصد أصداء أفكاره وتوجهاته واهتماماته وجهوده، ويلملم شتات شهادات منصفة قيلت بحقه من مخلصين كتبوا عنه، في محاولة لتشكيل صورة حقيقية واضحة حية صريحة تنصفه، وتساهم في بيان معالم شخصيته العلمية والأدبية والفكرية والأخلاقية المغمورة أو شبه المغمورة، كما أن هذا البحث عن شكري يتميز بأن معظم ما جاء فيه كان مدونات نصية متأنية فاحصة لخلاصة فكره واهتماماته الواردة في إنتاجه الأدبي بشعره ونثره، لا مجال فيها  لتقويله ما لم يقل، أو تحميله ما لا يحتمل، ولذلك لن تطول قائمة المصادر والمراجع في نهاية هذا البحث، بل ستكثر الاستشهادات بما قاله وفعله وآمن به.

[1] . عبد الرحمن شكري، الديوان، جمع وتحقيق: نقولا يوسف وشارك في جمعه: محمد رجب بيومي، مراجعة وتقديم: فاروق شوشة، المجلس الأعلى للثقافة، مصر، 2000 م، ص646.

[2] . المصدر نفسه، ص646.

[3] . المصدر نفسه، 647.